الأحد، 17 يونيو 2012

"أهل دقة قديمة" - مقال صحفي


نورا العنطبيل
"إذا كبر ابنك خاويه".. مقولة قديمة تلخص خبرة القدماء بالعلاقة الجدلية بين الآباء وأبنائهم عندما يقوى عود أبنائهم. ففي ظل التقدم التكنولوجي الذي يخلق حالة فكرية معينة لدى أبناء الجيل الواحد، مختلفة عن الأجيال السابقة، يصرخ الشباب موجهين أصابع الاتهام لأسرهم "أنتم لا تفهمونني".

الآباء حسب معتقداتهم ومفاهيمهم المترسخة والأبناء بتطلعاتهم النامية ومفاهيمهم الحديثة، هنا تتبلور الفجوة بينهم. ولعلك تسمع في هذا الصدد عبارتٍ تقول إن الآباء يفكرون بطريقة قديمة، وإن الآبناء يفكرون بطريقة جديدة، الآباء في خندق التخلف والرجعية، والأبناء في صف التحضر والتقدمية، الآباء أكثر خبرة..نعم، ولكنهم أقل ثقافةً وعلمًا من الأبناء.

التفاوت الثقافي والمعرفي بين الآباء والأبناء، والتغير في عصر المعلومات والثورة التكنولوجية والفضائيات وتعددية المصادر، وتأثيرها على الشاب، أصبح التفاهم بين الآباء والأبناء صعبًا أحياناً.

حيث غدا الشاب يغضب من أي سؤال أو تعليق بسيط من أبيه حول دراسته أو زواجه أو حتى في "ستايل" لباسه،  فالشاب المحاضر في الجامعة مثلا يحب ارتداء ملابس "الكجوال" و"السبور"،  فيما يصر أبوه على "البدلات الرسمية" والملابس التقليدية التي يرى فيها الهيبة والقيمة.

فمثلا أصبح الشاب يقضي فترة من الوقت محاولا خلاله أن يشرح ويعلم أبيه كيفية التعامل مع ال "I-phone" وما يقدمه من خدمات متعددة ومتنوعة. وتعد محاولة شاب آخر اقناع أبيه أنه توظف في شركة ما وتسلم عملا يستطيع انجازه على حاسوب في بيته أمر فاقد للأعصاب.

ويمتد الأمر ليصل إلى الزواج عبر الانترنت المرفوض والذي يفقد صواب الآباء، لاسيما أن فكرة تعارف الشاب على الفتاة قبل الزواج فكرة "معلقة بحلق" بعض الآباء. فكل تلك الأمور تزيد من الفجوة ويطوّل من قطرها بين الطرفين، ما يؤدي إلى غياب الاحترام والتقدير، وعدم المبالاة والاهتمام، وجمود العواطف بين الآباء والأبناء، وأخطرها التفكك الأسري.

فعدم مواكبة الآباء للتطورات التكنولوجية، وينعكس على سبل التواصل والتأثير. أشير هنا إلى أهمية دور وسائل الإعلام في تثقيف الأفراد من خلال ما تتيحه من أفكار ومفاهيم تسهم في توفير بؤرة ثقافية مشتركة بينهم.
فعلى الآباء أن يعيشوا العصر الذي يعيشه أبناؤهم بكل تفاصيله ومفرداته، وأن يكونوا واعين ومتفهمين لفوارق الأجيال الحديثة والتي تتسم بسرعة الإيقاع والحركة والابتعاد عن الروتين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق